اسعد الله أوقاتكم جميعاً ............
وجدت في إحدى المنتديات هذا المقال للإستاذ سالم اليامي بخاطب الطلبة المبتعثين فأعجبني وتم نقله هنا لتعم الفائدة للجميع مع الشكر الجزيل له .............
رسالة الى الطلبة السعوديين في أمريكا
GMT 16:30:00
2006 الجمعة 17 مارس
سالم اليامي
أحبائي... إخواني
كما تعلمون أنكم تعيشون على ارض أعظم دولة حسب مقاييس القوة والحضارة ووسط أعظم شعب كونه مصدر تلك القوة والحضارة.
وأن دولتكم ممثلة في أولياء الأمر حفظهم الله ورعاهم قد قامت بابتعاثكم إلى أمريكا لأجل الحصول على شهادات علمية من أرقى الجامعات الأمريكية كي تعودوا إلى وطنكم محملين بالعلم والمعرفة لخدمة وطنكم وشعبكم.
والاستفادة من فرص الابتعاث ليس أن تتعلموا في الجامعات فقط وإنما أن تستفيدوا من وجودكم داخل مجتمع ديناميكي متحضر وبسيط ومنظم في كل شيء. إضافة إلى الاحتكاك بالعقول المنتجة في المجتمع الأمريكي ومحاكاة ذلك المجتمع في طريقة انتاجه وتنظيمه واحترامه للوقت وللعمل وللمعرفة وحبه للاطلاع والتعلم والاختراع والتفوق. لكن ذلك المجتمع الأمريكي لم يتطور وينجز ويتفوق ويحقق كل تلك الانجازات الحضارية لو لم يكن مرتكزا على أسس قانونية ودستورية وتشريعية وقيم أخلاقية تنبثق من تلك الأسس القانونية والدستورية التي تحترم الإنسان أيا كان دينه أو جنسه أو مذهبه وتدعو إلى المحافظة على كرامته وحريته.
لكي تتم الاستفادة من ثقفة ذلك المجتمع الأمريكي الايجابية التي خلقت منه أحد أعظم الشعوب الحديثة التي صنعت أهم الحضارات في التاريخ بسبب التنوع للمنتمين إليه من مختلف العقول المبدعة والمنتجة القادمة من كل أقطار الأرض وبسبب استناد ذلك الشعب على أعظم الدساتير التي توفر للإنسان التمتع بكامل حقوقه الإنسانية التي تدفعه للتفكير الحر الذي يمنحه فرصة الإبداع والانجاز والتفوق دون أن يسلب الآخرين حريتهم، فإنه عليكم استغلال الوقت للتعلم والتفاعل والاحتكاك مع مختلف أطياف المجتمع المتنوع والمتطور بما يزيدكم خبرة وعلما ومعرفة.
إخواني: كنت من الذين تعلموا في أمريكا خلال الثمانينات الميلادية وقد أحببت حضارة وثقافة ذلك الشعب البسيط الذي صنع أعظم الحضارات البشرية لكنني لاحظت خلال تواجدي هناك أن بعض المبتعثين العرب بشكل عام ينقسمون إلى قسمين:
كلا القسمين يتعرضان إلى صدمة حضارية نتيجة الفرق بين الثقافة الأمريكية والثقافة العربية مما يجعل كل من القسمين أن يتطرف في تعامله مع الواقع الأمريكي الجديد عليه أما أن يندفع أحد القسمين إلى الانغماس في الجانب السلبي من حياة ذلك المجتمع الحر الذي لا يفرض قيودا على حرية الإنسان، بحيث يعتقد ذلك النوع المتطرف على الجانب السلبي أن الحياة الأمريكية تقوم على تلك السلبيات.
وأما أن يعتزل القسم الآخر حياة الواقع الأمريكي معتقدا كما يعتقد القسم الأول أن الحياة الأمريكية لم تكن سوى ذلك اللهو وممارسة بعض الرذائل متطرفا في نظرته للواقع الأمريكي بطريقة أخرى.
وكلا الطرفين.. بكل أسف لم يتعرفا على حقيقة الواقع الأمريكي، لأن كل منهما حكم على ذلك الواقع من زاويته الضيقة مدفوعا بدوافع كامنة لديه وبسبب ثقافة استعدائية مسبقة جعلته يحكم على الآخر من الجانب السلبي الذي تم تغذيته به دون أن يدرك أن تلك الحضارة العظيمة والقوة المهيمنة على العالم كأكبر إمبراطورية في التاريخ، لم تكن كذلك لولا أن وراءها ثقافة عريقة وقيم محترمة وأنظمة وقوانين نابعة من فكر شعب لديه من الايجابيات ما هو أكثر من السلبيات التي لاتخلوا منها أمة مادمنا نؤمن أن الكمال للخالق الأحد.
وعندما يعود المبتعث ويسأله الذين ينتمي إليهم في وطنه عن ما تعلمه من ذلك الواقع الأمريكي يكون تصويره لذلك الواقع مع الأسف هو انعكاس لذلك التطرف في العيش وسط ذلك المجتمع الأمريكي كل حسب الطريقة التي لجأ إليها أثناء العيش هناك.. أما لهوا.. أو عزلة!
لكنني يا أحبتي ومن خلال تجربة العيش في ذلك المجتمع الأمريكي بكل سلبياتها وايجابياتها ومن خلال التفكر والتأمل لاحقا أرى أن فرصة الابتعاث إلى أمريكا التي تحققت لكم من جديد بعد انقطاع طويل، هي فرصة كبيرة جدا لا تعوض وكما تابعت عبر الوسائل الإعلامية الحديثة التي توفرت لكم ولم تتوفر لنا حينما كنا مبتعثين في الثمانينات الميلادية.. لاحظت أن بعضكم لم يدرك القيمة العظيمة لتلك الفرصة حيث تنقل لنا الوسائل الإعلامية أن أغلبكم ذهب إلى هناك ليمارس عزلته وسط المجتمع الحر وكأنه لايزال في قريته المنعزلة عن العالم. حيث اتضح أن بعضكم اعتزل المجتمع الأمريكي وتقوقع مع بعض المنتمين إلى هويته دون أن يدرك البعض أن الفرصة لن تطول إذا لم يستفد من وجوده داخل المجتمع الأمريكي عبر الاحتكاك بالمعلمين والتلاميذ والمكتبات والعقول المفكرة في المجتمع وعبر التمتع بوسائل الترفيه البريئة التي يذهب إليها كل فئات المجتمع الأمريكي.
بل أن بعضكم يمارس كل حياته اليومية مع أصحابه الذين ذهبوا معه وكأنه لم يذهب إلى أمريكا دون أن يقتنص فرصة التعايش مع المجتمع الأمريكي الذي لم أشاهد مجتمعا آخر على وجه الأرض يمنحك فرصة التعايش معه والاستفادة من ثقافته ونظامه. ولا زلت أذكر أن الكثيرين من العوائل الأمريكية يذهبون إلى الجامعات ومعاهد اللغة يطلبون التعرف على بعض الطلاب العرب واستضافتهم حيث يسمون ( host family ) كدليل على بساطة الشعب وطيبته واحترامه للآخر.
والتعايش مع الآخر لا يعني الانغماس في ملذاته وتقمص سلبياته، بل إنني اعرف أنهم شعب يعتز في الذي يعتز في قيمه الجميلة ويحترمونه كثيرا، ولكن بدون التفاعل معه والاستفادة من حضارته فانه أفضل للمبتعث أن يعود إلى وطنه ولا يعيش معزولا،أو منغمسا وسط حثالة المجتمع الأمريكي الذين لايمثلون حضارة ذلك الشعب العظيم.
بل أنه عليكم التعايش مع بقية الأجناس والطبقات الأخرى غير الأمريكية، سواء كانوا من العرب أو الجنسيات الأخرى للاستفادة من مختلف الحضارات التي لا تتوفر سوى في المجتمع الأمريكي. كما أن التمذهب والتعنصر ضد الآخر وضد بعضكم البعض يعكس صورة سلبية عنكم تثبت ضدكم ما ألصقه أعداءكم فيكم من التهم التي لاتليق بكم. لذا فإنني ادعوكم إلى الانفتاح على الآخر سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو أي جنس آخر والتحاور مع الآخر بمنطق وأدب ولا تضيقوا بمن يختلف معكم دينا أو مذهبا أو فكرا ولتعلموا أن الحوار مع الآخر بمنطق وحسب الاستناد إلى معرفة واسعة هو ما يجعلكم تبرزون صورتكم بالشكل الجميل الذي تريدونه وليس عبر الانفعال والتعصب والعزلة والتقوقع.
كما أن الاحتفالات بتراثكم وإبرازه بشكل جميل أمر يشرف كل من ينتمي إليكم، لكن تلك الاحتفالات عندما تزيد عن حدها لتتحول إلى مجتمع صغير معزول داخل مجتمع حر كالمجتمع الأمريكي فان ذلك يصوركم بصورة سلبية أكثر مما تعتقدون ويعزلكم عن المجتمع الذين تعيشون فيه ويحرمكم الاستفادة من ايجابيات الحضارة التي تعيشون وسط مجتمعها الحر. ولا ينسى بعضكم انه سوف يعود إلى وطنه ولديه الوقت الكافي كي يشبع من ممارسة تراثه الشعبي الذي لا نريده أن ينقطع عنه، لكننا لانريده أن يكون مبتعثا في أمريكا لممارسة التراث الشعبي.
أحبتي: انتم مبتعثون لأجل العلم.. والمعرفة.. والتزود بايجابيات حضارة الشعوب وثقافاتهم المستنيرة، ولكسب الخبرات التي تفيدون بها وطنكم الذي ينتظركم بكل شوق ولهفة ومعكم العلم والمعرفة والثقة في النفس.
وطنكم: الذي يحبكم ينتظركم كي تشاركوا الذين سبقوكم البناء في إكمال المسيرة نحو المزيد من العزة والتطور.
إنني أتمنى أن تتعايشوا مع الواقع الأمريكي بعقولكم لتتعرفوا على عناصر القوة في المجتمع الأمريكي التي جعلته يصنع أقوى حضارة في التاريخ، وأن تنفتحوا على الواقع من حولكم وتمتنعوا عن العزلة، لأن بقاء بعضكم مع بعض كما تنقله الأخبار دون التفاعل مع الآخر يضركم ولا يفيدكم وكأنك ( يابو زيد ما غزيت ).
نريدكم:أن تدرسوا تاريخه.. وعلومه.. وتتأملوا في منجزاته، لتعلموا أن الحضارة لا تبنيها الشعوب النائمة ولا المتطرفة ولا العنصرية، ولا الخائفة ولا الذليلة، وإنما تبنيها الشعوب الحرة الوطنية التي تعمل وتفكر وتعشق البناء والتنافس الشريف.
زوروا المعالم.. والآثار.. والأماكن السياحية، ولعلمكم أن في مدينة واشنطن حديقة تم تدشينها من قبل الرئيس الأمريكي السابق بوش الأب تحمل اسم وبعض أفكار ومقولات الأديب العربي العظيم (جبران خليل جبران ) الذي عاش في أمريكا سنوات طويلة مع زملاءه المبدعين الكبار شعراء المهجر: ميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي وغيرهم، كدليل على أهمية التعايش بين الشعوب، وعلى أن الفكر العظيم ليس له هوية، في الوقت الذي لم نسمع عن متحف عربي لذلك الأديب العظيم. بل إنني اذكر إننا زرنا متحفا للشمع لبعض العظماء في مدينة ريفية صغيرة في ولاية اركنسا وكان فيها تمثال من الشمع لذلك الأديب العربي ( جبران خليل جبران ).
الشعوب الحرة العظيمة لا تتعنصر ضد إبداع الآخرين، ودائما تستفيد من كل جديد ومن كل فكر مستنير دون أن تشعر بالغيرة أو بالضعف أمام تفوق الآخرين وتطورهم. أما الخانعين والأذلاء، فدائما يسيئون لإبداعات غيرهم ويحتقرونها لأنهم يحتقرون أنفسهم التي لم تبدع، ويغارون من كل انجاز لغيرهم ويسقطون كل عيوبهم على الآخر.
كونوا: شرفاء.. أحرارا.. متحضرين.. واعكسوا صورا ايجابية عن أمتكم.. وتعلموا من الآخرين مالم تتعلموه من واقعكم.. فليس عيبا أن نتعلم من الآخر ما جعله حرا أبيا قويا.. وإنما العيب أن نتعلم من حثالات قومه كل ما يجعلنا خاضعين، ومتخلفين، وعالة على الحضارة.
واحذروا ذلك النوع الذي يغرس فيكم الإحباط، ويصدكم عن التعلم والاستفادة من حضارة الشعب الذي تعيشون بين جنباته. واحذروا كل من يحاول أن يعزلكم عن الواقع الحضاري تحت أي تبرير كان، لأن العاجزين عن مجارات الآخرين في تطورهم وإبداعاتهم يحاولون الإساءة إليهم وصد القادرين عن منافستهم أن يقلدوهم الإبداع والتفوق.
ولتكن منافستكم للناجحين وليس للفاشلين. وعندما تنافسون غيركم من الناجحين فلتكن منافستكم شريفة، فيها احترام للمنافس وإعجاب بقدراته، ولا تكونوا حاسدين أو حاقدين أو غيورين ضد نجاحات الآخرين وإنما اعتزوا بمنافسة الناجحين والمتفوقين واذكروا محاسنهم ولا تبخسوهم حقهم في النجاح والتفوق.
لأن الأقوياء لا يشعرون بالضعف أمام نجاح منافسيهم بقدر ما يحفزهم نجاح الآخر على الاستمرار في المنافسة الشريفة والتفوق.
ليس عيبا أن نعتز في من ننتمي إليهم.. لكن العيب أن نرى كما يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم ( شرار قومنا خير من خيار قوم آخرين ).
والحضارة: تبنيها الشعوب التي تؤمن في حق الإنسان أن يعيش بكرامة وعزة وحرية، والتي تحترم العقل ولا تخضع لشروط العاطفة والخرافة.
إنها فرصة العمر.. إذا ما تم استغلالها للاستفادة من العيش وسط المجتمع المتحضر، دون أن يتنازل أحد منكم عن التمسك بقيمه الجميلة، التي تحترم حضارة الآخر وقيمه أيضا.
وليدرك كل منكم أن الندم لن يفيد إذا ما عاد أحدكم خالي الوفاض إلا من شهادة ربما لم يستوعب كل مافيها، وليعلم الجميع أنه باستطاعة كل شخص أن يحصل على شهادة من أمريكا، لكن المهم ليس الشهادة وإنما علوم الشهادة والاستفادة من خبرات الشعوب الحرة.
أ
رجو لكم التوفيق وان تعودوا إلى وطنكم وقد كبرت أحلامكم، لتحققون الطموحات التي تبني الوطن وتعلي من عزة الإنسان وكرامته!!
وتقبلوا محبتي وسلامي.
سالم اليامي
mailto:[email protected]
منقول
:x1: :x1: :x1: :x1: :x1: :x1:مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- مراسل العرب المسافرون ماذا يقول عن الدورات التعريفية التي ستقيمها الوزارة ؟؟
- ارغب في تعلم اللغة الانجليزية بدون دراسة
- افضل معاهد لندن
- العزيزة الاخت ميمي
- استفسار الرجاء الرد عليه
- أنا معيد ومحتار بين أمريكا وبريطانيا وعندي جملة استفسارات تكفوووووووون المساعدة
- لاهنتوو ابي الافااده لاتردوني خايب
- برنامج الاذان
- الرجاء المساعدة موعد التقديم لبرنامج الملك عبدالله
- حكايتي مع الوزارة
- استفسار عن معاهد اللغة للاطفال بمدينة لوس انجلوس
- رسوم الفيزا على الوزارة وخبر ثاني حلووووووو
- مراحله التقديم
- ترشيح فنادق في لندن ومعاهد
- انا لديه اسئله عن نيو كاسل ارجوا الرد
- للي بفــــــــــلوريدا
- لم استطع دفع السيفس وموعدي غدا هل هناك دفع عن طريق السفارة
- ساعدوني ارجوكم اختار برونيل او سري
- تم التسجيل موعد في السفارة
- مهم اللي عنده أي معلومة لايبخل علي
المفضلات