خباب.. نموذج في الصبر
كان خباب بن الأرت، رضي الله عنه، من أوائل من آمن بدعوة النبي، صلى الله عليه وسلم، وأظهر إسلامه، وكان مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية، فلما علمت بإسلامه عذّبته بالنار، وكانت تأتي بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره ورأسه، ليكفر بما نزل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك الا ايمانا، وكذلك كان المشركون يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه على النار، ثم سحبوه عليها، فما أطفأها الا شحم ظهره! يتحدث خباب، رضي الله عنه، عن بعض ما كان يلقى من المشركين من سوء معاملة، حتى يعود الى الكفر، فيقول: كنت قينا (أي حدادا) في الجاهلية، وكان لي على العاص بن وائل السهمي دَين فأتيته أتقاضاه، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم تُبعث، فقال: وإني لميت ثم مبعوث؟، قلت: بلى، قال: دعني حتى أموت ثم أُبعث فسوف أوتي مالا وولدا فأقضيك! (أي أعطيك)، فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذ.ي كَفَرَ ب.آَيَات.نَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} (مريم: 77). ولما زاد ضغط المشركين وتعذيبهم للمسلمين المستضعفين، شكى خباب الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسّد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فجلس محمرا وجهه فقال: كان الرجل فيمن قبلكم، يُحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيُشق باثنتين وما يصدّه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف الا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون. ويتضح من طلب خباب، رضي الله عنه، أنه صادر من قلوب أتعبها العذاب، وأنهكها الجهد، وهدتها البلوى، فهي تلتمس الفرج العاجل، وتستبطئ النصر فتستدعيه! ومع ذلك احمر وجهه، صلى الله عليه وسلم وقعد من ضجعته، وخاطب اصحابه بهذا الأسلوب القوي المؤثر، ثم عاتبهم على الاستعجال، لانه - صلى الله عليه وسلم- يريد ان يربي أصحابه على ان قبل النصر، البلاء والصبر، فالرسل واتباعهم يبتلون ثم تكون لهم العاقبة، قال الله تعالى: «حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين»، سورة يوسف، وقال تعالى: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون»، سورة النور، ولم تكن البشارات التي يبشر بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، مخفية مستورة، بل كانت معلنة مكشوفة، يعلمها الكفرة، كما كان يعلمها المسلمون، حتى كان الأسود بن المطلب وجلساؤه، إذا رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تغامزوا بهم، وقالوا: قد جاءكم ملوك الأرض الذين يرثون كسرى وقيصر، ثم يصفرون ويصفقون!، ولم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يغذي أرواح أصحابه بمعاني الإيمان، ويزكي نفسهم بالقرآن، حتى ازدادوا ثباتا على الدين، وتحليا بالصبر، وحنينا الى الجنة، والابتلاء والمحنة، سنة من سنن الله في خلقه، يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، سألت رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فان كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وان كان في دينه رقة ابتلي حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة، والمسلم لا يستعجل الثمرات والنتائج، ويعلم انه كلما اشتد الظلام أوشك طلوع الفجر، وكلما ازدادت المحن والابتلاءات، قرب مجيء النصر، قال الله تعالى: «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا ان نصر الله قريب».
مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- النجاح فرح فاشركونا معكم
- أستأذنك
- أجمل ممرات في الهند
- تحليلات نفسية
- فضائل الصلاة
- ما هى الأجراءات المتبعة عند شراء شقة ؟
- الكوخ المحترق
- مبدعة في تخطي الآلفية السابعة
- الحاجه ام الاختراع
- الدليـــل على فضـــاوة بعض النـــاس
- أصعب إحساس واجهته
- ذكرى زواج
- كرت احمر
- ادوات مخيفة لعلاج الاسنان
- غرائب وعادات زواج مريعة عند نساء العالم
- كيف يعيش اهل الجنة
- فتحت قيادة القوات البرية باب القبول لـ
- قبر ستيف جوبز على شكل اي باد
- وداد الكواري على رصيف الذاكرة
- المغامسي ؛ روووعة
المفضلات