يقول الكاتب الفلبيني (ليوني جيرادو): «لقد عاشت الفلبين 300 عام في الدير الإسباني ثم انتقلت لتعيش خمسين عاماً أخرى في هوليود».
إنها مقولة تدفعنا للبحث عن أسباب قلق سبعة آلاف ومائة من الجزر التي تغلي في أحشائها البراكين وتصفعها أعاصير لا تكف عن مهاجمتها رغم موقعها وسط بحر الصين، بل تدفعنا للبحث عن ملامحها الحقيقية التي فقدت هويتها نتيجة الدين والتاريخ الدموي الإسباني، ومن ثم اللغة والحياة العصرية والسياسية التي وهبتها إياها أمريكا ،ما أثقل كاهلها بوجود عسكري طويل الأمد، جعلها بقايا من حطام جزر وصخور ونتوءات لكنها لم تمنع الحياة من أن تبقى تمور، فيها وترتطم بالأمد.
أخيراً ظهرت الفلبين على خريطة العالم لتكون بداية مأساتها والسبب ذاك البحار الإسباني الذي وطأت قدماه جزرها ليتزلزل استقرارها بعد ذلك فيزداد ضياع شعبها وتتراكم عليه الويلات والإهانات والحروب فلا يقف مكتوف الأيدي بل يسعى للبحث عن ثمن لاستعادة كبريائه مهما كان ما سيدفعه فادحاً.
البداية كانت عام 1521 عندما حلم البحار البرتغالي (فريناندو ماجلان) بالوصول إلى (جزر البهار) من خلال الإبحار نحو العالم الجديد وعبوره حيث لا بد من وجود محيط آخر يؤدي إلى الشرق حيث الجزر المنشودة.
إنه بحار قاس وطموح يعلم أن الأرض كاملة الاستدارة وأن ما فعله (كولومبوس) هو اكتشاف نصف الحقيقة، إذاً عليه هو أن يكتشف الطريق الذي يوصله للحقيقة الكاملة التي وعندما بدأ بحارته بإعاقة تصميمه للوصول إليها لم يتردد في شنقهم وقطع رؤوسهم ليدور بعدها حول شواطئ أمريكا بحثاً عن ممر ينفد منه إلى الجانب الآخر من العالم.
بعد شهرين كاملين اكتشف (ماجلان) الممر، إنه ذلك الممر المائي الذي يفصل بين قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية والذي ما زال يطلق عليه (ممر ماجلان) حتى الآن تخليداً لهذه الرحلة.
كان ممراً طويلاً وغامضاً طوله مائة وعشرون فرسخاً، تحيط به الجبال العالية المغطاة بالثلوج التي لم تمنع ماجلان من مواصلة رحلته إلى أن دخل المحيط الهادئ، ما جعله أول أوروبي يصل هذا المكان.
ساد في المحيط دون هدف وبقي لمدة ثمانية وأربعين يوماً إلى أن وجد جزيرة صغيرة أطلق عليها (جزيرة الحظ) دون أن تعني شيئاً لهدف رحلته، ،أخيراً وصل إلى (جزيرة جوام) الكبيرة والمأهولة لكن البعيدة كثيراً عن هدفه (جزيرة البهار).
بعد رحلة أسبوع آخر ظهرت رؤوس أشجار جوز الهند ثم السواحل البيضاء الممتدة على سطح الموج الأزرق.. ظهرت أولى جزر الفلبين وهنا توصل إلى النصف الآخر من الحقيقة كروية الأرض، حط عند مدينة سيبو ولايزال الصليب وتمثال العذراء الذي أهداه لحاكم الجزيرة موجوداً حتى الآن، وكان استقبال الأهالي لهم ودياً حتى إن أحد عبيد ماجلان ولأنه كان مولوداً في جزر الهند الشرقية استطاع اقناعهم بدخول الكاثوليكية بعد أن استمال زوجة الحاكم، وهنا أعلن ماجلان أن هذه الأرض ملك للتاج الإسباني وتدين بالديانة المسيحية وأنها مستعمرة فيما وراء البحار.
لكن، ولأن صيادي الجزيرة رفضوا الاعتراف بتبعيتهم لملك إسبانيا ودخول المسيحية فقد توجه إليهم ماجلان ومعه ستون من رجاله وهم مزودون بالخوذ والدروع لإرهاب الصيادين وبدؤوا بالعنف فأحرقوا الأكواخ دون أن يحسبوا حساب رماح البامبو وسهامهم المسمومة التي ركزت على نقطة ضعف المهاجمين « سيقانهم العارية من الدروع».
أصيب ماجلان في ساقه بسهم أبقاه عاجزاً عن التراجع فخاض معركة زعيم الصيادين (لابو لابو) قبل أن يسقط صريعاً ويهرب بقية رجاله.
فقدت جثة ماجلان لكن تمثال زعيم الصيادين ما زال ينتصب شامخاً في مدينة (سيبو) أمام المتحف الذي أقيم تخليداً لمعركة لم تدخل بعدها السفن الإسبانية إلى الفلبين إلا بعد /44/ عاماً وكان ذلك عام 1565 عندما آن أوان الانتقام لماجلان وتطورت البنادق والمدافع بشكل لا تنفع فيه المقاومة ليسقط حاكم (مانيلا) (راجا سليمان) أمام قوات القائد الإسباني (ميجيل لوباز).
لقد قضى الإسبان وعلى مدى 300 عام على أحلام استقلال الفلبين وكان أشهر أبطال المقاومة، الزعيم الفلبيني (جوز رزال) وهو شاعر وطبيب وروائي، جسد أحلام شعبه على الورق ثم قادهم إلى ثورة شعبية ضد الحكم الإسباني لكنها فشلت وألقي القبض عليه فأعدم وتحول المكان الذي دفن فيه إلى نصب تذكاري وحديقة عامة لم يتوقف دورها السياسي الذي جعل حركات المعارضة التي أسقطت حكم (ماركوس) الطويل تخرج منها وكذلك تنديد الأرملة الحزينة (كورازون أكينو) بالذين قتلوا زوجها وهو عائد من المنفى.
وتدور السيادة وتنتقل من الإسبان إلى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد الحرب التي نشبت بينهما بسبب الخلاف حول كوبا والتي انتهت بقيام الجنرال (جورج دوي) بالتوجه مع أسطوله إلى الفلبين التي وعد أهاليها بالاستقلال بعد أن أغرق السفن الإسبانية واقنع من تبقى من الإسبان بالانسحاب والتخلي عن الفلبين مقابل مليوني دولار، سحبت أمريكا بعدها وعودها لتصطدم بعدها بالقوات اليابانية التي رغبت في غزو الفلبين فحاصرت الأمريكان واستسلم منهم /84/ ألف مقاتل ساروا في طابور الموت إلى معسكرات الاعتقال وإلى أقبية قلعة سنتياغو التي لا تزال تحمل ذكرى إحدى عشر جندياً أمريكياً ماتوا في الأقبية جوعاً وعطشاً.
في عام 1944 بدأ الهجوم الأمريكي المضاد وتغيرت دفة الحرب وكانت هزيمة اليابان في الفلبين بداية هزيمتها في الحرب كلها لتعود أمريكا بعد أن اقتصر وجودها العسكري على أكبر قاعدتين عسكريتين واحدة للطائرات وأخرى للبحرية تعود وتصبح الفلبين حرة إلى حد ما ولكن بما يكفيها للدخول في أزمات العالم الثالث الاقتصادية والديكتاتورية والأحلام الضائعة.
هذه هي الفلبين بجزرها القلقة التي انتزع الاسبان سكانها من جذورهم ليقوم الأمريكان بعدها بتحويل مدنها إلى ماخور.
هذا ما يقوله كل فرد من أفراد شعبها، ذاك الشعب الذي ضاق بصخب الوجود الأمريكي الذي استمر على مدى /90/ عاماً حتى بات فعلاً إحدى حقائق الكون.مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- مكاتي بلس في القائمة السوداء
- من عــذره جمهووورية الرسائل
- تقارير من غير ردود
- السلام عليكم
- مسافر للفلبين وسيرلانكا
- هل كان زلزال اليوم مدمر
- اتمنى ان تساعدوني وتفيدوني
- هل الفلبين تحتاج فيزا ؟
- فنادق في باقيو
- مساعده ضروريه، الله يجزاكم خير
- من سيبو لبوهول ياقلبي لا حزن
- من يسوي لي برنامج للفلبين من عشر ايام وله مني الدعاء الصالح
- ساعدووووني قرب الرحيل
- ابي موقع سكن يكون قريب من مستشفى ويكون امان
- الفلبين تحتل المركز العاشر خطرة بالعالم
- كم المسافة من مانيلا إلي أنجلس سيتي ؟
- سؤال عن شركات الشحن في الفلبين
- تكفون فزعتكم ضروووري
- التنقلات الداخليه
- الفلبين
المفضلات