ربما لم يكن في تصور بيتر مينويت الذي أوفدته الشركة الهولندية (ويست انديا) إلى العالم الجديد في بدايات القرن السابع عشر والذي صحب معه أكثر من 200 مستوطن هولندي ليشتري جزيرة مانهاتن من قبائل الكناري الهندية بثمن زهيد 23 دولارا و70 سنتا أن تتحول هذه الجزيرة إلى إحدى أكبر مدن العالم. والجزيرة التي تبلغ مساحتها 22 ميلا مربعا قد يبلغ ثمن هذه الأرض في الوقت الراهن أكثر من 60 مليار دولار . وإذا اختار المستوطنون الهولنديون اسم امستردام الجديدة (نيو امستردام) فإن الإنجليز قبل نهاية القرن السابع عشر عندما انتصروا على الهولنديين أطلقوا على هذه الجزيرة اسم نيويورك لتتسع ولتضم اربع ضواح (برونكس وكوينز وبروكلن وساتن ايلند) إضافة إلى مانهاتن لتشكل المدينة الجديدة التي يعرفها الجميع الآن مدينة نيويورك سيتي. ذات يوم كتب الروائي جان شتاينبك "نيويورك مدينة قبيحة وقذرة ومناخها فضيحة وسياستها تستخدم لتخويف الصغار ونظام مرورها مجنون ونظامها التنافسي قاتل. ولكن ثمة شيئا واحدا هو عندما تعيش في نيويورك تكون وطنك ومن بعد ليس هناك مكان آخر في العالم سيرضيك". لكن فات الكاتب الأميركي شتاينبك وصف المدينة بأنها من أكثر مدن الولايات المتحدة إثارة وتحولت في وعي الأميركيين إلى عنصر غواية حتى أطلقوا عليها لقب (التفاحة الكبيرة). وإذا شاء المستوطنون الهولنديون الأوائل تحويل المدينة إلى مركز تجاري لتصدير الجلود والفرو إلى أوروبا وإلى بقية العالم غير أن هذا الميناء الصغير تحول إلى عاصمة لأميركا ومن ثم تحولت إلى عاصمة للعالم. وبالرغم من عدم الاتفاق على سرد تاريخ واحد لقصة هذه المدينة غير أنها تعتبر من أكثر المدن الأميركية إثارة للوعي الجماعي لشعب الولايات المتحدة، فجزيرة (اليس) كافية لإثارة أصول المهاجرين الأوائل إلى العالم الجديد. وهناك شارع المال (وول ستريت) الذي يعني امبراطورية المال وقد تكون الجادة السابعة مركزا لتحديد عالم الموضة وقريبا من هذا العالم جادة ماديسون التي انتعشت فيها صناعة الإعلان والدعاية وهناك بالتأكيد الجادة الخامسة التي تعتبر مركزا لأرقى محلات التسويق. ولا يمكن نسيان حي هارلم الذي ارتبط اسمه بعصر موسيقى الجاز وساهم في العصر الذهبي للثقافة الأميركية حيث كان في الأربعينيات من القرن الماضي مركز عصر النهضة لثقافة الولايات المتحدة التي بدأت تتلمس جذورها لتنفصل شيئا فشيئا عن جذورها الأوروبية وبالتحديد عن أصولها المحافظة الانغلو سكسونية. وبالتأكيد لا يمكن تجاهل منطقة (الفيلج) في جنوب المدينة التي كانت وما زالت إلى حد ما حيا للبوهيمية وللفنانين والشعراء والكتاب. وقد يكون شارع برودوي أطول شوارع نيويورك واحدا من المعالم البارزة في نيويورك وهو حي المسرح والعروض الاستعراضية الموسيقية . ولا زال تمثال الحرية معلما ورمزا للفرص الجديدة وهناك أيضا أول بناية (الأمباير ستيت) أول ناطحة سحاب تبنى في العالم.
وإذا استخدمت الاستعارة يمكنني القول ان نيويورك هي عبارة عن عدة مدن في مدينة واحدة وهي من أكثر المدن إغواء على المشي وقد يكون هو الطريقة المثلى لاكتشاف مجموعة المدن التي تضمها نيويورك هذا إذا تجاهلت ثمثال الحرية وجزيرة أليس.
وقد يقود الفضول أي زائر للمدينة للتعرف على جزيرة اليس وقد تكون أفضل طريقة للوصول إليها بواسطة (الفيري) المركب ليقودك من مانهاتن الى الجزيرة التي كانت ذات يوم محطة للمهاجرين القادمين من أوروبا وآسيا. وقد توقف عندها حوالي 12 مليون مهاجر منذ عام 1892. وفي بدايات القرن العشرين سجلت الجزيرة أوائل المهاجرين من الشرق الأوسط خصوصا من لبنان وسورية والعراق وقد اغلقت الجزيرة بعد موجة كبيرة من المهاجرين القادمين من أوروبا الشرقية عام 1952 ومن ثم تحولت القاعة التي كانت تستقبل المهاجرين إلى متحف للتعرف على الطريقة التي كان يعامل بها القادمون الجدد وهم يصلون إلى الجزيرة عبر السفن القادمة من إيطاليا واليونان ومرسيليا وغيرها من الموانئ الأوروبية. ويمكن للزائر مشاهدة وجوه عديدة من مختلف العالم من بينها لبنان والعراق وسورية ومصر قد حلوا على هذه الجزيرة قبل أن تطأ اقدامهم أرض نيويورك. وقد يكون جنوب مدينة نيويورك محطة جيدة للانطلاق سيرا على الأقدام لمعرفة نيويورك التي تتميز بسيارات (التاكسي) الأجرة الصفراء أو بقطاراتها تحت الانفاق. وكثيرا ما تقودني قدماي بعد الهبوط من المركب الذي يربط مانهاتن بضاحية ستاتن ايلند والذي يمر بجزيرة اليس وتمثال الحرية إلى حي المال وأول محطة فيه مركز التجارة العالمي الذي تحول إلى نصب (غراوند زيرو) بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر(أيلول) الإرهابية. ومن هناك إلى شارع المال (وول ستريت) ومن القرب منه يمكنك أن تشاهد المكاتب التجارية القديمة التي تمتد على طول شارع (ساوث ستريت سيبورت) وهناك من الممكن التعرف على أول بناية بناها الهولنديون وقد سيجوها بجدار خشبي لحماية أنفسهم من المستوطنين الإنجليز، وقريبا من هذه المنطقة يمكن السير للتعرف على واحد من أكبر أسواق البورصة في العالم وقد اغلقت السوق للجمهور وللزوار منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ومن المفارقة أن خطاك في هذا الحي المالي والتجاري ستقودك إلى أقدم وأول بناية عالية هي كنيسة (ترينيتي) التي بنيت في القرن السابع عشر ومهدت الطريق للمعمار الحديث الذي ميز مدينة نيويورك بالبنايات العالية والمرتفعة وقد اعيد ترميم الكنيسة في القرن التاسع عشر. ووسط كم هائل من العمارات العالية والمرتفعة التي تميز حي المال في نيويورك حتى تكاد لا ترى فضاء السماء وأنت تواصل سيرك ربما مذهولا بالمعمار فجأة تجد نفسك عند حديقة باتري التي تتميز بأشجارها الباسقة والطويلة وبعشبها الأخضر وكأن الحديقة محطة استراحة من المراكز التجارية ومن سوق البورصة لتضعك وجها لوجه مع الطبيعة متناسيا عمارات سوق المال الشاهقة والقاسية جدا. وعندما تصل إلى حديقة السيتي الهول يواجهك جسر بروكلن الذي يغري بالمشي على القدمين لعبوره لتصل بعدها إلى ضاحية بروكلن ويعتبر الجسر تحفة من تحف الهندسة المعمارية وهو من أقدم جسور مدينة نيويورك. وقد يقودك إذا واصلت السير إلى "أتلانتيك افينيو"، حيث الحي العربي ومن هناك قد يغريك الوصول إلى متحف بروكلن للفن الذي يضم أكبر مجموعة من الفن المصري القديم. وإذا عدت إلى مانهاتن سيغريك التجوال في حي سوهو وهو الحي القريب من شارع هدسون جنوب الجزيرة الذي كان حيا صناعيا للألبسة والأزرار وفي الستينات من القرن الماضي تحول إلى حي للفن التشكيلي بامتياز. وقد تحول بجهود الفنانين إلى ورشات للفن وإلى صالات للعرض ومع بداية التسعينات أخذ الحي في التحول ليكون حيا تنتشر فيه المطاعم ومحلات الألبسة الراقية وحيا للحانات. واخذ الفنانون بالانتقال تدريجيا إلى منطقة جلسي جنوب غربي جزيرة مانهاتن، حيث تجد هناك عددا من صالات العرض وأصبح الحي مأوى للفنانين من الرسامين والنحاتين وأخذ شكله المناسب ليكون بديلا لحي سوهو العريق الذي لا يزال يشغله بعض صالات العرض للفن التشكيلي التجاري. ومن سوهو ستقودك قدماك إلى الحي الصيني الذي يعتبر من أكثر أحياء نيويورك ازدحاما وهو نموذج للتنوع الأثني في نيويورك وتنتشر فيه المطاعم الصينية ومحلات الخضار والسمك ومحلات التحف القديمة القادمة من آسيا والصين. وأصبح الحي بلدة بحد ذاته وكأنه مستقل تماما عن بقية أجزاء مدينة نيويورك وقد ساهم في إغراء عدد من المخرجين السينمائيين والكتاب. والحي الإيطالي لا يبعد كثيرا عن الحي الصيني وفي السنوات الأخيرة تداخل الحيان، والحي الإيطالي الذي يعرف بـ (ليتل ايتالي) ايطاليا الصغيرة كان مأوى المهاجرين من جزيرة صقلية الإيطالية وفي بداية القرن العشرين بالرغم من أسواقه ومطاعمه غير أنه كان قاعدة المافيا الإيطالية التي كانت مصدر أفلام عديدة في السينما الأميركية. وفي جنوب شرقي جزيرة مانهاتن عند شارع هادسون تجد أول تجمع لليهود وهناك المتحف اليهودي والمطاعم التي تقدم وجبات لليهود القادمين من أوروبا الشرقية، خصوصا من روسيا وبولندا وأوكرانيا ورومانيا. وفي الثمانينات من القرن الماضي تشكل حي (الفيلج) الشرقي كبديل للفيلج الواقع في الجزء الغربي من المدينة وأخذ الحي بالنمو مع وصول الفنانين والكتاب والشعراء والصحافيين وأصبح موقعا لحركة دائمة تنتشر فيه المقاهي والمطاعم والحانات وهو بامتياز حي الجيل الجديد النيويوركي من البوهيميين. وأما حي الفيلج الغربي الذي كان مأوى للفنانين والشعراء مثل أودن والن غينسبرغ وآخرين في بداية القرن العشرين وحتى الثمانينات منه تحول إلى ما يشبه القرية الأوروبية بمقاهيه ومطاعمه ونواديه الليلية وحاناته التي تفتح حتى الخامسة صباحا. وبالرغم من كل التحولات التي عاشتها مدينة نيويورك لا يزال الجزء الجنوبي منها محافظا على طابع المدينة الآخر البوهيمي والفني ولا يزال يحافظ على هوية نيويورك الكوزموليتانية، إضافة إلى شارع المال والحي التجاري للمدينة. وعندما تقودك قدماك إلى وسط وشمال الجزيرة ستجد نفسك في عالم آخر يجمع ما بين المدن الأوروبية ومدن العالم الثالث وأميركا. في وسط الجزء الشرقي ستجد نفسك أمام مبنى الأمم المتحدة بمعمارها الحديث الزجاجي تماما وتحولت المنطقة التي تحيط بالمبنى إلى حي دبلوماسي من الطراز الأول بعد أن كان قبل تشكيل الأمم المتحدة مجزرة وسوقا للحوم.
وإذا واصلت السير إلى الجادة الخامسة وعند الشارع 53 ستجد نفسك أمام متحف الفن الحديث الذي يضم مجموعة من الفن الحديث الأوروبي والأميركي وقد جرى توسيعه قبل سنتين. وإذا واصلت السير شمالا هناك ستجد تحفة نيويورك المتمثلة في متحف متروبوليتان الذي يضم مجموعة من الفن المصري والآشوري واليوناني والروماني والأفريقي وبعض أعمال عصر النهضة إضافة إلى صالة خاصة متميزة للفن الإسلامي. وفي نفس الجادة الخامسة، حيث يقطن أغنياء نيويورك، وكتبت عن هذه الجادة الكاتبة الأميركية اديث نورتن: ستجد متحف غوغنهايم ذا التصميم الذي يشبه منارة (ملوية) جامع سامراء وهو يضم مجموعة من الفن الحديث الأوروبي والأميركي. وهناك أيضا متحف صغير انشئ في نهاية الثمانينات من قبل الحكومة النمساوية والالمانية يضم تحفاً وأعمالا لفنانين من النمسا وألمانيا.
وقد يبدو من المناسب أن تستقل الباص من الجادة الخامسة التي تفصل بين شرق مدينة نيويورك وغربها لكي تتوجه إلى سنترال بارك وهو حديقة نيويورك الكبيرة الذي افتتح عام 1876 الذي تحول إلى كرنفال يومي ولا يمكن تخيل مدينة نيويورك من دون هذه البقعة الخضراء التي تمتد من شارع 59 حتى شارع 110 شمال المدينة وهو اشبه بواحة المدينة التي تجمع شمالها وجنوبها وشرقها وغربهامواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- انقذوني تكفون رايح لمانهانتن نيويورك علاج
- جامعة كارولينا الفزعه يامن عنده خبرها ؟؟
- ممكن مساعده من اهل الخبره
- ارغب بالذهاب الى ميامي عن طريق الرياض
- يوسميتي ناشنال بارك
- وتزداد الحيرة يوم بعد يوم
- عذراً تغيب عن البوابة الامريكية والمنتدى
- الله يرحم والديكم عاجل جداً
- مشكلة حجزي
- أفضل عشر منتجعات في الغرب الأمريكي
- باقي اسبوعين عندي سؤال واحد فقطـــ ؟؟
- استفسار بخصوص رحلتي الي امريكا
- هل تقبل السفارة الامريكية بالرياض كشف حساب سامبا مطبوع من الانترنت؟؟
- من تجميعي اماكن ممكن زيارتها في بعض المدن
- كيف الوضع بعد التشديد ألي صار في المطارات ؟
- محتاجه مساعده، اللي ساكن ب أمريكا لا يبخل :)
- عندي رحلة علاجية إلى كليفلاند ولديّ بعض الاستفسارات
- تكفون افيدوني ترى السفر قرّب
- افيدوني حول امريكا
- ارجو المساعدة
المفضلات