جزيرة جربة التونسية خلطة سياحية سحرية
القلاع القديمة تعانق أندية الغولف وأفخر الفنادق

يبدو أن معاناة الإمبراطور الروماني بوليسيس قبل ثلاثة آلاف عام سوف تتكرر مع زائر جزيرة جربة التونسية، حيث عانى من إقناع قواده قبل جنوده من مغادرة الجزيرة لسحرها ويبدو المنظر من أعلى قمّة بالجزيرة تحديا كبيرا لمن يريد أن يتركها حيث أندية الجولف الشهيرة وكذلك المتاحف والأبراج القديمة والفنادق بكافة أنواعها ومن هضبة طاسيطا (2 كم) الّتي تطلّ على الرّيف الجربي شرقا وبحر بوغرارة الجميل غربا وفي أسفل الهضبة يمكن رؤية قرية قلاّلة العتيقة ببياض قبابها وخضرة غابتها وزرقة بحرها تبدو جربة وكأنها حلم جميل. وتحظى جزيرة جربة بأهمية خاصة في عالم السياحة بتونس نظرا لأنها قبلة الأوروبيين ويصل عدد زوارها سنويا مليون سائح، يأتي في مقدّمتهم الألمان والفرنسيون والإيطاليون والإسبان ثمّ بقيّة السيّاح من الأوروبيّين لسحر طبيعتها كما تزدهر بها سياحة المقامات والقبور لدى اليهود حيث يوجد بها ما يقرب من 19 معبدا يهوديا يتجاورن مع المساجد. ويستطيع الزائر إن يتأمل ويأكل ويتنزه ليتنشق عبق التاريخ ويتسوق في آن واحد. ويوجد بجربة سياحة تعرف بسياحة الموانئ حيث تقوم مجموعة من الشركات الأهليّة الخاصّة الّتي تمتلك سفنا برحلات يوميّة إلى جزيرة «رأس الرمل» أو جزيرة «النّحام الوردي»، حيث تقوم هذه الشّركات بنقل الأفواج السيّاحيّة في رحلات ترفيهيّة.
وتخرج نحو أربع سفن تحمل نحو مائة وخمسين سائحا بتوقيت منتظم من ميناء حومة السوق إلى جزيرة «رأس الرمل» والّتي تبعد نحو 15 كم عن جزيرة جربة، ولدى أصحاب هذه السفن عادة وهي الإقلاع في الصباح حيث يقوم السّياح بمساعدة طاقم السّفينة برمي شباكهم لاصطياد السمك في حين تقوم مجموعة أخرى من السّياح بالسباحة في المياه العميقة وبعض هذه السفن تتمتع بأرضية زجاجية تفسح المجال لرؤية قاع البحر والشُّعب المرجانيّة والإسفنج، كما يستمتع السائح بمشاهدة الدلافين وهي تخرج من المياه وتداعب السياح فيقومون بتصويرها، حيث انّ خليج قابس الّذي تقع فيه هذه الجزيرة غنيّ بالأسماك والدلافين، ثمّ تتجه السفينة إلى جزيرة «رأس الرمل». ويتناول أصحاب السفن طعام الغداء مع الركاب (السياح) وتتكون الوجبة من السمك المشوي الذي تم اصطياده وأكلة «الكسكسي» المشهورة مع السلطة والفواكه في اوعية مصنوعة من سعف النخيل وجذوع الشجر.
ويوجد بالجزيرة عدد من القلاع التاريخية والمتاحف أبرزها مجموعة من الأبراج التي بنيت في فترات متباعدة للدفاع عنها، أمّا أشهرها فهو برج الغازي مصطفى أو البرج الكبير وهو من ابرز المعالم التاريخية ويعود البرج إلى القرن الخامس عشر الميلادي حيث شيّد بأمر من السلطان الحفصي «أبي فارس عبد العزيز» الّذي تنقّل سنة 1432م إلى جزيرة جربة لردّ الحملة الإسبانية الّتي كان يقودها الملك الأرغوني ألفونس الخامس. وكذلك متحف قلالة هو عبارة عن مركّب ثقافيّ ضخم على مستوى تونس وهو متعدّد الاختصاصات والأنشطة. ويهتمّ بالفنون التقليدية وإبداعات الصناعات اليدوية القديمة والعادات الشعبية والكنوز التراثية الأخرى بمختلف أنواعها وأشكالها. ويعتبر من أكبر المتاحف الفنيّة بالبلاد إذ تبلغ مساحته المغطاة 4000 متر مربع، ويتكوّن من مجموعة من الأجنحة يحتضن كلّ جناح منها محورا (الأفراح، الأعياد، المهن اليدويّة القديمة، العادات، التقاليد، الأساطير، الخرافات، الفسيفساء صناعة وعرضا...). و يتوزّع العرض داخل كلّ جناح على سلسلة ضخمة من المشاهد المتكاملة منها ما هو مجسّد تجسيدا فنيّا ومنها ما هو حيّ، وتأخذك زيارة المتحف والتّجول في مختلف أجنحته لمدّة ساعتين على أقلّ تقدير كما يوجد فيه مركّب ترفيهي وتنشيطي واستراحة جيّدة شيّقة (مقهى شرقي، مطعم، حيّ تجاري، وأماكن خاصّة بالعائلات في شكل متنزه يطلق عليه إسم فضاءات وترتبط جربة بشبكة مواصلات جيدة متكونة من جسر وطريق دائري يربط المحطّتين القديمة والجديدة بالطّريق المُؤديّة إلى حومة السُّوق ومداخل المطار. وعلى مسافة خمسة كيلومترات من «حومة السّوق» عاصمة الجزيرة ومركزها الرئيسي حيث تقع المنطقة السّياحيّة، فعلى امتداد نحو أكثر من خمسة عشر كيلومترا يوجد أكثر من 92 فندقا مُتجاورا من مختلف الفئات بالإضافة إلى نادي الجولف والمنتجعات السّياحيّة حيث يمكن الوصول إلى أي منها بالتاكسي الذي يتحرك بالعداد يضاف إليها نسبة 50% بعد التاسعة مساء.
ويوجد بجربة مطار جربة جرجيس الدولي، يؤمّن هذا المطار المواصلات بها ويقع على بعد 9 كلم من حومة السّوق عاصمة الجزيرة. في البداية كانت طاقة استيعابه لا تتعدّى 500.000 مسافر في السنة، لكن بعد توسيعه اصبح بامكانه استيعاب مليون ونصف المليون مسافر، وينتظر أن تتم عمليات التوسعة الجديدة مع نهاية العام الحالي تشمل بناء محطّة مسافرين جديدة تبلغ طاقة استيعابها 2.8 مليون مسافر وستكون مخصصة لرحلات الشّارتر او الرحلات الاقتصادية الرخيصة.
* ماذا تأكل في جربة؟
أما اشهر المأكولات الجربية فهي الزّميطة: (شعير مقلي ومطحون يُخلط بزيت الزيتون وبالماء وأحيانا أمّا بالتمر أو بالعنب أو الرّمان أو التّين الطّازج أو المجفّف وكذاك الدردورة: زمّيطة يضاف إليها الماء حتّى تصبح سائلة.
الكسكسي: يستخرج من القمح ويطبخ بالبخار بواسطة «كسكاس» أي إناء طبخ مثقوب من الأسفل يوضع على إناء آخر: «مقفول» به الخضار مع إمكانيّة إضافة اللّحم أو السمك أو القديد (لحم مجفّف). الملثوث: يستخرج من الشّعير ويسقى بحساء السّمك المجفف (الوزف) أو القرنبيط أو القدّيد. الحسو: حساء دقيق الشّعير أو القمح أو القصب مطبوخ يضاف إليه شيء من زيت الزيتون والهريسة التونسية والفلفل الحار. العيش: عصيدة بتونس العاصمة: دقيق القمح أو الشّعير مطبوخ ليصبح عجينة تُسقى بحساء حار يعتمد في تركيبته على مسحوق نبتة خاصّة تسمّى «اليازول»... كما يمكن أن تسقى بزيت الزيتون مع العسل والسكر. البسبسة: من طحين الشّعير والعدس والحلبة تخلط بزيت الزّيتون مع إضافة الماء عند تناولها سائلة.
المهرجانات وتنظم الجزيرة عددا من المهرجانات منها مهرجان «أوليس» ومهرجان السُّفن الشّراعيّة بالإضافة إلى هواية التزحلق على الماء. المهرجان الدّولي للفيلم الأسطوري والتّاريخي: يُعقد كل سنتين ويشارك فيه بعض السينمائيّين العرب والأجانب، وهو مهرجان يتناول الأفلام الأسطوريّة والتّاريخيّة، تقدم خلاله جوائز وشهادات تقدير لأبطال هذه الأفلام السينمائيّة.
مهرجان الفخّار: يُقام في منطقة «قلاّلة» الّتي تُعد ّواحدة من أهمّ القُرى الّتي تقوم بتصنيع الفخّار بمختلف أحجامه وألوانه.
مهرجان الغوص للتصوير في أعماق البحر: بمنطقة آجيم، وهي فعاليّة رياضيّة وثقافيّة ترتبط بالسياحة.

جريدة الشرق الاوسط

مواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك: