"ديلفت" مدينة الأمراء والبورسلين تغزو العالم بالذهب الأزرق
عندما تخفت كل الأضواء، وتهدأ حركة الحياة، خلف النوافذ الزجاجية فى المدن الصغرى بالأراضي المنخفضة "هولندا"، تبقى "ديلفت" ساهرة صاخبة بالحياة ومتفاخرة بآثار عز قديم عريق، وعصرى متطور.. إنها مدينة امسكت بالمجد من أطرافه، وتبدو لمن يقترب منها وكأنها لوحة فنية ألوانها زاهية بالبورسلين.. وكيف لا وهى مدينة الأمراء والذهب الأزرق.
اسمها الأصلى هو "ديلف" .. وهو اسم أقدم قناة مائية فى هولندا ويعنى "خروج المعدن من باطن الأرض" فى إشارة واضحة إلى المعادن الموجودة فى رحم أرض هذه المدينة التى يطلق عليها بالهولندية اسم مدينة الأمراء "برنس ستاد" فيما يطلق عليها البعض اسم مدينة الذهب الأزرق.
خزف ملكى
"ديلفت" هى أول وأشهر مدينة تصنع "البورسلين" ولها فى هذه الصناعة الفنية خبرة تمتد إلى 325 عامًا فى مجالات السيراميك الفنى للجدران، وإنتاج الخزف الملكى. ومن خلال هذا الفن اليدوى، والذى لا تستخدم فيه الميكنة أو الآلات الحديثة، يمكن للزائر أن يعرف تاريخ هولندا وتاريخ مدينة "ديلفت" وتطورها الحضارى. وقد سجل الفنانون والصناع المهرة هذا التاريخ من خلال الكتابات والرموز على الأطباق والقطع الفنية، ودقة الصنع تحير الزوار وتبهرهم، فيستقبل مصنع البورسلين أكثر من 200 ألف زائر سنويا معظمهم من السياح، وتصل أسعار القطع الفنية ذات اللون الأزرق المتميز لأسعار خيالية تفوق فى بعضها قطع الذهب، لذا يُطلق على البورسلين اسم الذهب الأزرق، والغريب أن مصنع "البورسلين فليس" ينتج من كل قطعة فنية أو منظر قطعة واحدة لا تتكرر حتى تمتاز بالندرة الخاصة، ولا يمكن تكرار النسخ إلا بالطلب وهذا يكلف أكثر، وقد تطورت استخدامات البورسلين للجدران المزخرفة حتى صارت تستخدم كواجهات كاملة للمبانى، حيث تعطى الأبنية انعكاسا فنيا ملونًا رائعًا يعطى أبعادًا ومنظرًا لأبنية من مدارس ومطارات ومستشفيات وغيرها.
والطريف أن هذا التطور الحديث لتغطية المبانى بالسيراميك كان منبعه الأصلى هو الشرق الأوسط فى العصور القديمة، حيث نشأ هذا النوع من الفن وتطور إلى هذا الجمال، ولاقى قبولا فى كل انحاء العالم، وقد فرض هذا الفن نفسه فيما بعد فى العالم الجنوبى وهولندا، وصناعة البورسلين في "ديلفت" ممتدة خلال العصور فى عمليات التحميص وصناعة الآلاف من قطع الفخار المزجج بالذهب والمعادن النادرة فى عديد من الألوان والأشكال، قد جعل تلك المنتجات تمتد خارج الحدود، وقد وجدت صناعة البورسلين فى "ديلفت" رواجًا عالميًا لدقة الصناعة الفنية لقطع الفخار والصهر والتزجيج الملون فى أفران تتراوح درجة حرارتها ما بين 1110 - 1200 درجة مئوية، وتوجد قطع السيراميك الاثرية التى صممها عدد من كبار الفنانين بهولندا، ويتم توريد هذه القطع لدول غرب أوروبا كانجلترا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا، وأيضًا إلى أندونيسيا وأميركا الشمالية والجنوبية، وقد تم توريد اجمل القطع من البورسلين الملون ذات الذوق الرفيع إلى الشرق الأوسط، وتم استخدام هذه القطع الثمينة النادرة فى كل من مطارات الجاسم والأبها والمدينة كما تم بيع بعضها إلى أمراء وملوك الدول العربية فى الكويت والإمارات وغيرها.
وعندما يتسنى للسائح زيارة "ديلفت" والتمتع بجمالها، لن يفوته أن يلتقط الصور الرائعة لمبنى مجلس المدينة الشهير الذى يعتبر قطعة فنية للمعمار القديم، ولن ينسى أن يصطحب معه قطعة من ذهبها الأزرق ليزين بها منزله وتكون رمزًا للذكريات الرائعة ولدقة الفن اليدوى الذى لا يقدر بمال.
وبالإضافة إلى هذا الفن الجميل القديم المتجدد بالتقنية الحديثة، تعد "ديفلت" مركز اشعاع حضارى فى هولندا إذ يوجد بها أكبر عدد من الجامعات والمعاهد العليا وأشهرها الجامعة الفنية التى تضم أشهر كلية للهندسة بالإضافة إلى أشهر معمل للأبحاث المائية فى العالم.
فعلى حدود المدينة "ديلفت"، وفى منتصف الأراضى المنخفضة، توجد وحدة ضخمة من المبانى وهو معمل الأبحاث المائية، وهو الوحيد بهولندا وله شهرة على مستوى العالم كله، ويقدم المعمل خدماته للمعامل الأخرى فى العالم، ولحظة دخول الزائر إلى إحدى صالات المعمل الكبيرة سيجد نفسه وقد أصبح عملاقًا يخطو بقدميه سبعة أميال فى خطوة واحدة من مدينة لأخرى عابرًا الأنهار والروافد والكبارى والسدود، ففى المعمل يتم صنع جميع النماذج المصغرة لسدود والكبارى والحواجز المائية وإجراء التجارب عليها لمعرفة تأثير الماء على الأراضى بأسلوب لا يختلف عن الطبيعة، وقد نجح هذا المعمل على مر السنوات ومنذ إنشائه عام 1927 من خلال الأبحاث والتجارب على إنقاذ هولندا من كوارث محققة كان يمكن أن يحدثها بحر الشمال أو نهرا الراين والماص، وبالإضافة إلى معمل الأبحاث المائية توجد بالمدينة مصانع خمائر الخبز، وأشهر مصنع للعدسات الطبية والحربية فى العالم، ويملك هذا المصنع ما لا تملكه مصانع العالم من تقنية وامكانيات حديثة.
والطريف أن هذا المصنع بقدر ما يحقق من مكاسب فى وقت السلم والحرب، بقدر ما يواجه مشكلات عديدة عقب نشوب أى مشكلة دولية وفرض عقوبات دولية من مجلس الأمن، فهو مرتبط مع معظم الدول فى العالم بعقود طويلة المدى لتوريد العدسات الحربية، وتقع عليه أضرار خطيرة نتيجة للمشكلات الدولية، وقد بدأت المدينة فى بناء معمل كيميائى جديد يتكلف بناؤه 25 مليون دولار لإجراءأبحاث العلوم الوراثية المعروفة بـ Dna والطريف فى المدينة أن المرور بها يسير فى اتجاه واحد، لذلك يوجد أكثر من مدخل للمدينة ومخرج.
عز قديم
هذا العز العصرى الحديث بنى على عراقة تاريخية وإستراتيجية. لذلك فإن "ديلفت" مدينة الأمراء تحتل موقعًا إستراتيجيا بين
العاصمة السياسية لهولندا "لاهاى" وبوابة أوروبا "روتردام" ويبلغ العدد الكلى لسكانها حوالى 90 ألف نسمة وتاريخ المدينة يعود للقرن الحادى عشر، ويؤكد عدد من المؤرخين أنها كانت موجودة فى العصر الرومانى. وتعتبر "ديلفت" المدينة الثالثة فى هولندا والتى تم فيها سن القوانين فى عام 1246م وهى أول مدينة تعرف الحُكم الملكى ويتواجد فيها أمير من الأسرة المالكة وذلك عندما جعل منها الأمير "فيلم فان أورانيا" مقرًا له فى القرن السادس عشر ليصبح أول من يحكم هولندا من سلالة أورانيا "عائلة البرتقالي" وهى العائلة المالكة حتى الآن وتنتسب إليها الملكة الحالية "بياتريكس", ولذلك أطلق عليها اسم مدينة الأمراء، كما جرى التقليد الملكى أن يتم دفن أفراد الأسرة المالكة فى مقابر فخمة وخاصة بـ"ديلفت", وكان سكانها قديمًا لا يزيدون عن 1200 نسمة، بيوتها مبنية من الطمى والخشب، ويعمل أهلها فى الزراعة وصناعة وصباغة المنسوجات، ودباغة الجلود بالإضافة إلى تجارة المواشى، وكان يتم استخدام القنوات المائية لنقل البضائع والمنتجات من المدينة إلى أرجاء هولندا وخارجها، وقد احتفظت مدينة الأمراء بعراقتها ومركزها التاريخى القديم دون أن يلحقه الدمار، حتى فى ظل الحرب العالمية الثانية، فقد حرصت القوات الهولندية أن تتمركز فى المناطق الهامة التاريخية ومنها "ديلفت" لحماية تراثهم وحضارتهم القديمة، خاصة أنها تضم عددًا من المتاحف مثل متحف الأسلحة والمعدات الحربية القديمة، وكذلك المقر الأصلى للشركة الهولندية للهند الشرقية الذى تحول لشاهد على التاريخ لتتحدث هولندا بشجاعة عن تاريخها الاستعمارى القديم.
ويستطيع الزائر لـ"ديلفت" مشاهدتها والاستمتاع بمبانيها ومتاحفها سيرًا على الأقدام، عن طريق الإبحار بالقوارب فى قنواتها المائية التى تحيط بها وتتخللها من كل جانب ويزيد عدد السياح بمدينة "ديلفت" عن 1.4 مليون سائح فى العام الواحد، منهم 400 ألف من غير الدول الغربية، وتعتبر السياحة المصدر الثانى للدخل بالمدينة بعد الصناعة، خاصة الأدوية، فمنذ عام 1843 وحتى اليوم، و"ديلفت" تنتج أكثر من 25% من الإنتاج العالمى للبنسلين.
هذه ملامح رئيسية لمدينة الأمراء والبورسلين التى لا تنام الليل وتمتد فيها الحياة بين المقاهى والمسارح التى لا تنتهى فى مدينة "سدس" سكانها من الدارسين الشبان وكل زائر لها يشعر أنه أمير يمتلك كل سبل المتعة والانبهار فى مدينة الأمراء.
منقول بتصرفمواضيع عشوائيه ممكن تكون تعجبك اخترناها لك:
- شلون البخشيش في أوروبـــا ؟؟؟
- اريد خطة انتقل من التشيك الى فنلنده عبر القطار
- خبراء بلجيكا الكرام
- نهائى الشامبيون لييج
- أرخص سعر من جدة إلى جوهانزبيرج
- أكبر أسواق أوروبا برج بابل اللغات
- مالطا دراسةاقامةسياحة ادخل هنا وانا جاهز
- اللغه التشيكيه هل من سبيل؟
- ساعة في كل من امستردام ولوكسمبورغ
- ماهي الدول الاوروبيه التي لاتحتاج فيزه دخول
- اي سؤال حول بلجيكا
- فينيسا أو ميونخ أو براغ ؟؟؟؟؟
- فنادق فارنا
- شكرا ياعضونا الذهبي في رومانيا
- أخوي آخر فرصه مطلوب ضروري
- أنشاالله أمسافر الى ميونخ عن طريق البر وبقي المساعده يا اخوان عن الطريق
- معاهد اللغة في بلجيكا
- اطلب ترشيح دوله
- استفسار مهم
- مطلوب معلومات عن أوكرانيا ؟؟؟
المفضلات